طمس الهوية المصرية

تعاني ثقافتنا من الانزواء الذي لاحقها من قبل أبنائها، وسقطت شخصيتنا في بحور الطمس الثقافي وسط أمواج التغريب التي تلاحقنا فشتت فكرنا ومزقت هويتنا، ومنذ ظهور مفهوم العولمة نهايات القرن العشرين ومطلع القرن الواحد والعشرين والعالم يتجه إلى التلاقي مع بعضه البعض وليست هناك مشكلة في هذا، لكن الكارثة الحقيقة هي محاولة تنميط العالم وجعله على نمط مواحد من الثقافة واللغة. وقد ذكرت اليونسكو أن 2500 لغة من أصل 6000 آلاف لغة موجودة في العالم قد انقرضت أو في طريقها للانقراض وهو ما يشكل خطرا كبير على العالم في حال استمرار هذا الطمس للهويات.

وفي لغتنا العربية نجد مورثاتنا اللغوية أصبحت في عداد الموتى وتحولت اللغة العربية إلى “فرانكو ” حيث الكتابة بحروف إنجليزية لكلمات عربية فلا هي كتبت عربية ولا نطقت إنجليزية وما أصاب اللغة أصاب لهجاتها، فكان طغيان اللهجة القاهرية على كل لهجات الدولة المصرية، حتى وصلت إلى السخرية من باقي اللهجات كلهجات الصعيد واللهجة الريفية لأبناء بحري، فانطلقت السهام عليهم من كل حدب وصوب ، فلم تتركهم دراما ولم ترحمهم سينما حتى اندثرت الفنون التي شكلتها تلك اللهجات كالفنون الشعبية وفنون المديح وغيرها، ولعل تراجع الرقعة الزراعية في مصر يرجع لهذا السبب. مدونات

فالمواطن الريفي أصرت السينما على صورة مكررة ونمطية تمثله على أنه هذا الساذج الذي تلهيه أضواء العاصمة وتبهره ملابس نسائها، وتكرار مثل هذه المشاهد جعل الفلاح يفقد ثقته بثقافته فاضطربت المفاهيم حتى ظهرت موجة الهجرة من الريف إلى العاصمة فسكنت القبور بالأحياء وبنيت العشوائيات وما ينطبق على الفلاح ينطبق على غيره سواء أكان نجارا أو صيدا أو غيرها من الفئات.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *